افات تفتك تنظيماتنا

 

                                                   

 

                                                             

                                                             

                                                            زيا ميخائيل أوديشو

 

       اخترت هذا الموضوع وهذه الوصفة التي تبدو للبعض ثقيلة بعض شيء, لاني عجزت ان اجد وصف اخر ينطبق على هذه التجمعات او افراد في مجتمعنا. فتعريف الافة هو كائن حي يهاجم كائن حي اخر او ناتج زراعي يستفاد منه, او يهاجم الانسان نفسه ليقتات عليه ويعيش ويفنيه .

    ون هنا يمكننا ان نصنف نوعين من الافات, الداخلية والخارجية, اي هناك افات تهلك التنظيمات والمؤسسات من الداخل وهناك نوع اخر يهاجم من خارج هذه التنظيمات, حيث ان هذه التنظيمات هي محصول وجدت لفائدة مجتمعنا اذ لم لم نقل شعبنا, وليس هناك في العالم تنظيم او مؤسسة تلبي جميع متطلبات الشعب, فهناك مؤسسات دينية لتلبية المتطلبات الروحانية والمؤسسات الاجتماعية لتطوير الامور الثقافية والاجتماعية وهناك التنظيمات السياسية لتمثيل الدور السياسي واستثمار الجهود السياسية وتطويرها عند الشعوب ووظعها في اطر معينة باستراتيجيات للوصول الى اهدافها المرسومة.

     عندما نقول شعوب متحضرة, او انسان متحضر. يفهمها الانسان المتعلم انها شعوب تحوي على مؤسسات تحكمها القوانين والنظام وتفهم ما يتلى عليها من كتابات وتحاور الاخر بالموضية, اما الانسان الجاهل فيفهم الحضارة على انها سيارة فاخرة وكومبيوتر وشبكة الانترنت وبدلة ماركة معروفة وعطر, وسفرات والبعض يفهم الامم المتحضرة بانها الامم التي تملك الحرية المطلقة حتى لو كانت تضر باخلاق الفرد. وسميت الحضارات القديمة بالحضارات لان وجدت فيها القوانين والشرائع التي الزمت الجميع واخرجت هذا الشعوب من الهمجية. واينما حل الانسان سيجد ان هناك عرف او تقليد او نظام او تشريع يسير عليه الجميع ويميز الشعوب عن البقية, وهذا نلمسه عندما نحضر مجلس عزاء مثلا او عرس, فاول شيء نساله ما هو عرف او تقاليد القوم اذا كانوا غرباء لنلتزم بها ونقوم بالواجب, وليس بطريقتنا الخاصة.

    وبعد هذه المقدمة البسيطة, نستطيع ان نعود الى موضوع الافة, حيث ان الافات لا تعرف القانون والنظام ولا تحترم حرية الفكر ولا تعترف بالمستوى العلمي والامكانيات العلمية للفرد او المجتمع, بل المهم عندها هو الهجوم على الاخر, احيانا تعرف لماذا وكثير من الاحيان لا تعلم. بل ان الد اعداء هذه الافات هو النظام والقانون وهو اول اهدافها. وسنتناول النوعين من الافات..

 

الافة الداخلية

    هناك افة داخلية داخل تنظيماتنا ومؤسساتنا تنخر جسد هذه المؤسسة او تلك وترهقها وتظرب كيانها من الداخل, وبعضها نجح وقضى على تنظيمات او مؤسسات كانت مزدهرة يوم ما, والبعض مصاب بهذه الافة ويعاني من اضرارها ويحاول جاهدا تقليص الضرر دون المكافحة هذه الافات, حيث ان الافات عندما تضرب يكون اول اهدافها ضرب النظام لان النظام والقوانين وضعت لتحمي هذه المؤسسات, وبعد كسر القانون او النظام تنتشر هذه الافات لتنخر اجساد هذه التنظيمات, واذا اردنا تشخيص اسباب دخول هذه الافات الى تنظيماتنا فهي كثيرة ولكن يمكن ان نسمي بعضها, فمنها الانتهازية والمصلحة الشخصية للبعض او بتوجيه من خارج التنظيم, فهنا ياتي سبب انتماء ودخول هذه الافات الى المؤسسة او التنظيم, ونجد ان هذه الافات تحاول جاهدة للوصول الى مركز صنع القرار او قريبة منه لتؤثر على القرارات, وخصوصا نجدها تظهر عندما تحاول المؤسسة دعم قوانينها, او تحاول تشريع قانون جديد تحمي فيها المؤسسة او التنظيم ومنتسبيها وحقوقهم, وهذا ما يحد من ثاتير هذه الافات, لذلك نراها ظهرت جاهدة لتعطيل هكذا تشريع وتبقي على التسيب والفوضى ليسهل تحركها, واذا فشلت في تغير مسار النظام تنتقل تتحول الى افة خارجية وتحاول من موقع اكثر امان لها, لكنها تبقى افة فتاكة تحاول فتك التنظيم او المؤسسة التي تركته مجبرة.

 

الافة الخارجية

    اي من خارج التنظيم, وهنا الافات ممكن ان تكون اكبر واكثر شراسة لانها غير محكمة بقوانين او انظمة تحد من تاثيرها, والمصيبة ان الافات توحد جهودها هنا من اجل هلاك المؤسسات, فنجد افات متعددة الالوان وبالامس كانت الد الاعداء فمنها اليمينية المتشددة واليسار الاممي متحدين لهلاك او لاسقاط سياسي او اجتماعي او حتى اخلاقي لاي مؤسسة يختاروها هدفا لهم دون تمييز, ويضحكوا بعقول بعض من يستمع لهم او من يصله سموم هذه الافات بشعارات وكلمات تؤثر او لها وقع قومي او ديني ليحقنوا هذا السم في عقول البسطاء, الذين لا يميزون بين الفرد والمؤسسة في العمل الجماعي. وهذه الافات لا تسترخص وسيلة لأهلاك اهدافهم, فمنهم من يكذب ومنهم من يلفق والاخر يؤيد وكلهم يتفقون رغم اختلافاتهم الايدولوجية احيانا لضرب مؤسسة او تنظيم واحد يضعوه هدف لهم, واذا تقربنا من هذه الافات اكثر نجد دوافع عجيبة غريبة اجتمعوا بها, فنجد من هو مطرود من هذه المؤسسات او التنظيمات ويحاول الانتقام باستخدام لمؤسسات لا تتفق في بعض الامور مع المؤسسة او التنظيم السابق, ونجد الاخر مستخدم من مؤسسات معادية, كما نجد منهم الفاشلين في مسيرة عمل سياسي لقرون وبدلا من ان يلوم فشله وجه غضبه على مؤسسة معينة, لان لاتوجد ثقافة لوم الذات ان لم نقل جلدها, كما نجد من له عاهات نفسية اجتماعية ومن الممكن ان تكون مشاكل عائلية في الطفولة زادت مع العمر لتصبح عاهات تجعل الانسان لايرضى على شيء حتى على نفسه احيانا, يثور على كل ما هو حوله, ونقد الاخر يكون اسهل عليه من ان يراجع طبيب نفساني لان مجتمعنا لا يعترف بالطب النفسي ويصنف بالمجنون, رغم ان جنون البعض واضح, ونرى ايضا بعض المساكين لايدرون ماذا يجري حولهم, اما لتحاشي السنة بعض هذه الافات اللاسعة او نقدهم او خوفهم من ان يتحولوا الى اهداف لهذه الافات, لان هذه الافات لاتحكمها قوانين او دساتير وهي تضع طريقة هجومها دون اي اعتبار او رادع, او البعض الاخر يغرهم شعارات هذه الافات دون النضر نتائج اعمالهم وافكارهم, رغم ان الكثير يعرف مقولة سيد المسيح بالانبياء الكذبة وان من اعمالهم تعرفونهم, ومن شعارت هذه الافات هو الاصلاح, وهم لا يعرفوا معنى الاصلاح اصلا, فعلى سبيل المثال لا الحصر تتحدث افة ما عن حبها لمؤسسة معينة وانها ليس ضدها بل هي تنقد(وهذا من حقها, لا ادري اي حق هذا, وما بال حق الاخر) رئيسها المنتخب, كوادرها العاملة, اعضائها ومكاتبها في المهجر, وحتى البعض وصلو لنقد الشعار لهذه المؤسسة, تنقد منجزاتها وتسخف, وتلعن قراراتها وتخون, وكل هذا وتقول هذا الافة بانها ليس ضد هذه المؤسسة, فهل توجد في العالم سذاجة اكبر من هذه, وكيف لو كنت بالضد من هذه المؤسسة اذا, فالاصلاح يكون اصلاحا وليس تدميرا, وكل هذه الافات عندما تسال عن البدائل, فلابد من وجود بدائل للتغير, فليس لها بدائل, وهناك من يطعن بذات الله والكهنة والمطارنة وحتى الرسل ويقول انا من محبي كنائسنا, فبالله هل توجد مسخرة اكبر من هذه؟؟ والمصيبة الاكبر ان هذه الافات تحاول ان تكون مؤسسات, رغم اني على ثقة تامة من انها لا تتعدى ان تكون اوكارا, لانها على صراع مؤجل اليوم, لكنا ستفتك ببعضها غدا عندما لا تبقى هناك مؤسسة او تنظيم يقتاتون عليه.

      وهنا ادعوا سخصيا لكل مؤسساتنا اولا ان تحارب هذه الافات وتحصن نفسها بقرارات تكرم منتسبيها قبل غيرهم, لتشجيع الانخراط في هذه المؤسسات, كما سن قوانين وتشريعات وانظمة تحمي مؤسساتنا من الانتهازيين والمنتفعين لمنع التسيب والاجتهاد في اتخاذ القرارات الفردية الكارثية, ومكافحة هذه الافات وعدم استغلالها في الصرعات بين المؤسسات لان ضررها يصيب الجميع والتعاون بين المؤسسات واجب قومي واجتماعي وديني على الجميع احترامه بغض النظر عن الاختلافات في الرأي او طريقة عمل اي مؤسسة.

   كما ادعوا ايضا ابناء شعبنا المغر بهم, بان لا تخدركم سموم هذه الافات, فوالله انهم لا يتعدون ان يكونوا اكثر من افات على المجتمع, فليس هناك امة حية بدون مؤسسات تبني وتدعم مسيرة هذه الامة, وهذا لايعني ان مؤسساتنا معصومة من الخطأ, ولكن من اخطائنا نتعلم, بالاضافة ان اصلاح اي مؤسسة يدعونا الانضمام لها والعمل على الاصلاح, وليس رميها بالحجارة وتلفيق الكذب وتشويه سمعتها والتدليس على منتسبيها, فوالله هذا لا ينفع غير اعداء هذه الامة ومحبي فنائها.

    كما دعوتي لكل قلم شريف ان يكتب بهذا الموضوع, فاني ارى الافات تتكاثر ولا احد يحاول تناول هذا الموضوع, فكل مؤسسة تنظر على الافات عندما تنقض على المؤسسة الاخرى بانها سالمة, او انها تشفي غليل مؤسسة لانها على خلاف مع الثانية, وهنا اقول امتنا عرفت باول امة سنت قوانين وشرعت انظمة لحماية ايمان وامن وحقوق شعبها, فلن نكون اليوم امة تسيب وفوضى وتعدي وتسقيط بعضنا البعض, لان هناك ثلة اعطت لها الحق بكل شيء كافراد, وسلبت حقوق الاخرين الذين قدموا ولازالو يقدون الغالي والنفيس من اجل الابقاء على الدور المؤسساتي في مجتمعنا, واذا انتظرنا اكثر على هذه الافات فليكن الله في عوننا وعون هذا الشعب المسكين, ولنتعلم من اخطاء اجدادنا عندما تركوا التسيب يعم في مؤسساتهم, ونعرف ان التاريخ لا يرحم, كما اني لا رجاء لي يوما بان الافة ستكون يوما عنصرا مفيدا, لكني ارجوا من الذين لم تصابهم سموم هذه الافات ان يقوموا بدورهم برفض هذه الافات ونبذها وتحجيمها في مجتمعنا.

   تحية لكل من ينتمي الى اي تنظيم او مؤسسة في هذه الامة ثقافية كانت ام دينية, سياسية ام اجتماعية فالجميع يخدم المسيرة, ويساهم قي تقويمها وتطويرها.

    قبل ان تخرج لى افة وتدخل موضوع النقد وحق النقد, اقول ان النقد البناء شيء جميل ويمارس داخل جميع مؤسساتنا, وخارجها وهو مقبول وضروري ايضا, وهو اسلوب حضاري له اسلوبه وقواعده ايضا.