سلوك عدواني ام عملية منظمة ام ثقافة جديدة ؟!

 

                                          

                                                                                              

                                                           

                                                                           نبيل ياقو خنانو               

           وانا اشاهد مقاطع الفديو الموضوعة على شبكة الانترنت لاعمال تخريب وحرق مبان تعود لشعبنا المسيحي في زاخو وبعدها سميل وبعض المناطق الاخرى في كوردستان العراق  قبل يام ذهلت عندما رايت بان من قام بهذا العمل الهمجي البربري شبان لا تتعدى اعمارهم الخامسة والعشرون عاما، يقومون بكل وقاحة على احراق بناية ومحلات مغلقة اصلا تعود لابناء شعبنا في اماكن تواجده وتبدو على وجوههم السعادة والغبطة وتعلو اصواتهم كلمة .. الله اكبر .. وبعض الكلمات النابية التي فهمت بعضا منها كوني لا اتقن الكردية بشكل جيد...

اعمار يتوسم فيها المرء ان تكون واعية ومدركة لامور متعددة لها مستقبل مشرق على عاتقها ثقل المسؤولية المنتظرة منهم لقيادة الاقليم نحو التطور والرقي اسوة بشعوب المنطقة والعالم المتحضر الذي يسعى الجميع لتاسيسه في العراق وبالاخص في مناطق الاقليم.. وابسط مقومات التحضر ان يكون احترام الثقافات واحترام حرية الراي والفكر والعقيدة واحترام سيادة القانون وما يترتب عليه من الالتزام التام بالاخلاقيات المعروفة للتعايش المشترك وحسن التعامل وغيرها من القيم الانسانية الحضارية الجميلة..

وانا اشاهد ما جرى عبر وسائل الاعلام والقنوات الفضائية لاعلامنا السرياني اضافة الى القنوات الكردية والعربية التي بثت ماقامو بتصويره هم بانفسهم استذكرت حديثا جرى بيني وبين احد المثقفين من الصحفيين الكرد الذي جمعتني به دورة اعلامية جرت في بيروت قبل عدة سنوات حيث دارت احاديث بيننا كان اهمها .. هل سيستوعب الجيل المقبل الناشيء في الاقليم والعراق بالعموم الدروس من السلوكيات المشينة التي يقوم بها الارهابيون في بغداد والموصل خاصة ( تزامنا مع ما حصل في الموصل من تهجير وقتل لابناء شعبنا وفي بغداد حينها  ) .. فكان للصحفي الكوردي راي بهذا الشان واعطى مثالا للتعايش الجميل بين مكونات شعب اقليم كوردستان... فاتذكر كلامه.." الاقليم محصن من هذا الامر انما المشكلة في التشدد الديني الذي بدأ يستشري في الاوساط الطلابية وبالاخص بين طلبة الجامعات والمعاهد من قبل المتلاعبين بالعقول لاجل مكاسب سياسية" .. فكان ردي " ان هذه مسؤولية مشتركة تضطلع بها مؤسسات المجتمع المدني والدولة والاعلام والاحزاب العاملة في الاقليم بالاضافة الى التزام رجال الدين بالتوعية وشرح العقيدة الاسلامية وفق مناهج لتقوية اواصر المحبة والتضامن الوطني لان الدين يقوم ويهدي الانسان، وشعبنا ملتزم بهذه الامور كونها جزء من ايمانه بالمسيح" .. فوافقني الراي وابدى بعض الامور التي يتخوف منها هو شخصيا في الاقليم .. واليوم ما طرحه بدات تظهر بوادره الخطيرة وما حصل الجمعة الماضية ربما تكون بداية لأزمات احرى في المستقبل ستقوض الوجود المسيحي في الاقليم بشكل كبير ومخيف..

ان ما جرى هو ثقافة مخيفة جديدة ( وان قام بها بعض من الطائشيين واللامتحضرين ) الا انها علامة تدل ربما على ثقافة تعبر عن الكبت الموجود في نفس يعقوب ... للبعض من المتخذين للتزمت الديني عنوانا لسلوكيات لا تمت للدين بصلة وتعكس صورة سيئة للمجتمع هناك... وهنا يطرح موضوع غاية في الاهمية... من السبب وراء كل هذا ؟؟؟ من المسؤول عن وصول الامر الى هذا الحد بحيث تتجرىء مجموعة لديها اراء معينة تستطيع خلال دقائق من بدء التظاهرة ان تحشد الالاف للقيام بحرق ونهب وسلب ممتلكات خاصة دون  العامة دون اتخاذ المسلك السلمي عنوانا لمسيرتهم.. وبالاخص ما يخص ابناء شعبنا والاخوة الايزيدية دون غيرها؟؟؟؟ وتحت انظار رجالات الامن المكلفين اصلا بحماية المنطقة وفرض سلطة القانون..

وهنالك بعض الافكار والملاحظات التي احببت طرحها على قارئي الكريم؟؟

اولا: التوقيت جاء مع مراسيم اعياد الميلاد وراس السنة والتحضير لها وكل عام يحدث نفس الشيء وباسلوب منظم كما جرى في الموصل وبغداد واخرها استهداف كنيسة سيدة النجاة.. بدل ان نقول كل عام وانتم بخير بدئنا نقول ربما السنة القادمة لن نكون بخير.. وهذا ما لوحظ في السنوات الاخيرى.

ثانيا: ما هو الدافع من وراء تحريض الشبان للقيام بهذا السلوك البربري من قبل رجل دين ؟؟؟؟ هل هي دوافع سياسية المراد بها احراج حكومة الاقليم وبالاخص الاحزاب الحاكمة هناك فتم استخدام المسيحيين وفق مبدا الغاية تبرر الوسيلة؟؟؟

ثالثا: مهما كانت الاسباب المخفية وراء ما حدث من فوضى اين كانت القوى الامنية وهي ترى باعينها اقتحام الشبان لمبنى المساج ومحلات انشات اصوليا ووفق القانون وبتشجيع من امام جامع  ؟؟؟... وهل من المعقول لم تكن الخطب السابقة تحتوي نفس كلمات التحريضية تجاه شعبنا ولم تصل لاسماع الاجهزة الامنية في الاقليم ؟؟؟.

رابعا: لماذا استهداف مصالح لشريحة معينة والتكبير بكلمات دينية وباقوال عنصرية تدل على حقد وضغينة مبيتة تجاه المسيحيين والايزيدية.. واستهداف مراكز لا علاقة لها بالخمور مثل صالونات الحلاقة النسائية والمراكز الثقافية والاندية الاجتماعية .. وهل تشرب الكحول فقط في هذه الاماكن ؟؟؟

خامسا: بطء الاجراءات الامنية و تجاوبها مع الحالات الطارئة ، لم يكن بالمستوى المطلوب تجاه ما حدث، ربما كانت ستؤدي حتما الى صدامات مباشرة لو كان الحدث في الايام الاعتيادية وتسوق المواطنين وربما كانت ستحدث ردات فعل اكبر واوسع مما جرى..

سادسا: تحدي واضح وصريح لفرض القانون حيث وبعد ساعات من زيارة رئيس الاقليم مسعود البارزاني الى زاخو واجتماعه بقيادات الاحزاب الكوردستانية تم حرق عدة محلات في ديرلوك وتعليق منشورات تهدد كل من يعيد فتح هذه المحلات في زاخو  .. وهذا يدل على مدى الاسناد الكبير يتلقاه هؤلاء العابثون من قبل جهات داخل الاقليم لها اجندات معينة تود فرضها على ارض الواقع مستندة الى غسل ادمغة الشباب ووضه الدين ستارا لاعمالها المشبوهة... وسلوكيات مريضة لا تعبر عن ثقافة الاغلبية في المجتمع الكوردستاني.. نتمنى ذلك

ان ما جرى يجب ان يكون له رد فعل من قبل سلطات الاقليم بمستوى الجرم وليس فقط عبر تشكيل لجان تحقيقية لتهدئة النفوس انما عليها واجب الكشف عن المتورطين ومحاكمتهم والوصول الى المحرضين لها وتقديمهم للعدالة... وطرح نتائج التحقيق على الشعب دون اخفاء الحقائق لان ما جرى سيؤدي الى زعزعة الثقة بين الشعب والسلطة وعلى مؤسساتنه القومية وتنظيماتنا السياسية الضغط على حكومة الاقليم والحكومة المركزية لتوفير حماية اكبر لمصالح شعبنا كونها مصدر رزقهم لاتخاذ تدابير رادعة كي لا يتكرر هذا المشهد الماساوي على ابناء شعبنا.

ختاما ربما علينا جميعا التحلي بروح المسؤولية والتهدئة لانه لغة العنف مرفوضة في مثل هذه الحالات كونها ستؤدي الى نتائج وخيمة فالممتلكات والمباني تعوض ويعاد ترميمها ويتم تعويض المتضررين انما المهم هو الانسان الذي من اجله تنظم القوانين وايضا التعايش السلمي وفق اصول المواطنة هذه اساسيات اهم من الامور الاخرى ونتمنى ان لايكون ما جرى سببا اخر يضاف الى مجمل الاسباب التي فاقمت الهجرة نحو بلاد الغربة ... وان يكون البقاء هاجسا لجميع ابناء شعبنا فهذه الامور تحدث اينما كان الانسان مدام هناك تصارع مصالح ...