في الذكرى الخالدة التاسعة والعشرون لاستشهاد يوسف ويوبرت ويوخنا

 

                     

       

                

                                                   

 

                                                        يونادم كنا
 

               

 

 

 

في الثالث من شباط تمر علينا ذكرى اليمة ، لاستشهاد رفاق الدرب – اصدقاء العمر – يوسف توما ويوبرت بنيامين ويوخنا ايشو ، يوم نالوا اكليل الشهادة على مذبح حرية شعبنا في الثالث من شباط عام 1985 ، يوم كانت هاماتهم على اعواد المشانق في زنزانات النظام الدكتاتوري البائد واقدامهم فوق رؤوس الجلادين واسيادهم الطغاة .
ان صمود الرفاق الشهداء وتضحياتهم ومواقفهم البطولية ، وتواصل رفاقهم الغيارى في الكفاح والنضال والعطاء ، كان بمثابة انعطافة كبيرة في مسيرة امتنا النضالية ، ساهمت كثيرا في استعادة الثقة بالنفس وزرع الامل في النفوس اليائسة من ابناء شعبنا ، بعد النكسات والماسي التي مر بها من مذابح الحرب الكونية الاولى مرورا بمذابح سميل عام 1933 .
كما ان شهادتهم وتواصل رفاقهم على الدرب كان بمثابة انطلاقة جديدة لترسيخ وحدة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، والتي تجسدت في نهج وممارسة حركتنا منذ التأسيس، وانعكاسات ذلك وتأثيراته الايجابية على مجمل الحركة القومية ، وارتباط نضالنا بارض الوطن وتكامله مع نضال الاشقاء في الحركة الوطنية عموما والايمان بالتاخي والشراكة ، تلك المسيرة التي تعتبر بحق صفحة جديدة متقدمة من نضالنا القومي الوطني ومخرجاته ونتائجه الايجابية في استعادة كرامة شعبنا ونيله لكثير من حقوقه الطبيعية .
وبذلك خاب ضن العنصريين الطغاة ، القتلة المجرمين ، يوم ضنوا بانه بجرائمهم تلك وغيرها يستطيعوا قتل الروح القومية وقبر المطالب المشروعة لشعبنا ، والنتائج كانت عكسية تماما ، فشهداؤنا رفاق الدرب نالوا اكليل الشهادة ، وكذا رفاقنا جميل متي وشيبا هامي الذين استشهدا قبلهم في الثاني عشر من شباط عام 1984 في سميل ، وبقية الشهداء رفاق الدرب من دهوك وسهل نينوى وكركوك واربيل وبغداد وزاخو ومانكيش وبروار وصبنة ونهله وديانا وغيرهم ، نعم جميعم دخلوا سجل الخالدين ، اما الطغاة العنصريين فكان مصير نظامهم الدكتاتوري البائد هو الزوال والى بئس المصير.
واليوم اذ نقف اجلالا لارواح شهدائنا الابرار، فان الذكرى تعود بنا الى ذكريات اواسط الستينات من القرن المنصرم ، يوم كان الشهيد يوسف في متوسطة الشرقية وكنت في متوسطة الحكمة والمدرستان في ذات البناية ، وتجمعنا عشرة المحلة – شاطرلو بكركوك ، وفي الاعدادية جمعتنا شعبة واحدة في اعدادية كركوك وحتى التخرج ثم في جامعة السليمانية سوية فالعودة كلينا الى كركوك والعمل سوية في ذات الخلية الحزبية لاربعة عشر عاما ، حتى الفراق الجسدي الاخير يوم 17 تموز 1984 في قريته بليجاني ، يوم لم يسمع طلبي منه بعدم العودة الى كركوك لخطورة الموقف ، حيث كان رده لي
 : ( لا تخشى, ان اغلب منتسبي وحدتي هم من تلعفر ومعارضين للنظام ، اذا حصل شئ فانهم سيخبروني )، الا ان الدولة البوليسية واجهزتها القمعية كانت قد كمنت له دون ان يعلم منتسبوا الوحدة العسكرية.
وبداية عملنا القومي السياسي المنظم مع الشهيد يوسف كان في اذار عام 1970 ، حيث توفقنا من تأسيس اول تكتل قومي باسم الاخاء الاشوري ( الب الب ) يتجاوز التسميات والصراعات الطائفية ، وفي صيف عام 1971 كانت بداية نشاطنا التنظيمي في بغداد والتواصل مع الرفيق الشهيد يوبرت بنيامين والرفيق نينوس بتيو – السكرتير السابق للحركة – ورفاق اخرون من جامعات بغداد والتكنولوجية والمستنصرية ، وتواصلنا رغم العقبات ومن ثم بعد عام 1976 تواصلنا لحين اعلان تاسيس الحركة عام 1979، وبعدها يوم سعينا سوية لفتح الحوار والتواصل مع المعارضة العراقية اواخر عام 1981 حيث وصلنا الى قرية بلمند في نهلة وفي اليوم الثاني التقينا المناضل المرحوم توما توماس وقيادة قاطع بهدينان للحزب الشيوعي في قرية جمى رباتكي ، واضعين اللبنة الاولى لمرحلة الكفاح العلني ضد النظام الدكتاتوري . ولست هنا بصدد كتابة او تدوين مسيرتي ومسيرة رفاقي المؤسسون او الشهداء جميعا ، عدا ان الذكرى الخالدة جرتني لسرد بعضا من تلك الذكريات التي عشناها وعملنا مع البعض كاصدقاء العمر وكرفاق الدرب .
وما يثير السخرية اليوم ان بعضا ممن لم تكن لهم اية معرفة او علاقة بالرفاق الشهداء ، لا من قريب ولا من بعيد ، ويغردون اليوم خارج السرب ومن ابراج مستريحة ، يسعون لاستغلال اسماء الشهداء الابرار قياما وقعودا ، ويدعون ، افتراءا وزورا وبهتانا ، بانهم على درب الشهداء سائرون ، والشهداء ودربهم منهم براء ، مؤكدا بان درب الشهداء كان ولا يزال وسيبقى ، درب ونهج التصدي والتحدي والتواصل والعطاء والتضحية ونكران الذات والفداء ، وليس الاقوال دون الافعال او عرض العضلات على صفحات الانترنت او التهرب والتنصل من تحمل المسؤوليات والتقاعس وعدم الايفاء بالالتزامات ثم التباكي والتغريد خارج السرب بامل تأمين غطاء لعورة التقصير، كما ان درب الشهداء الابرار لم يكن يوما ليصدح من صوب القطب المنجمد الجنوبي من ملبورن ودونها او من نواحي القطب المنجمد الشمالي من لينشوبينك او كندا او غيرها ، ولم يكن في قاموس او سيرة الشهداء مكانا او وقتا للصيد في نهلة او الدوسكي ولا للسهر ولقضاء ليالي في مطاعم وفنادق عنكاوا ( مع جل احترامي لاهلنا الغيارى في عنكاوا المظلومة ).
وبهذه المناسبة الخالدة ، اؤكد لرفاق الدرب شهدائنا الابرار بان رفاقكم الغيارى على دربكم -درب الشهادة - من اجل قضيتنا العادلة سائرون، ومتواصلون رغم كل الدسائس والمؤامرات التي تستهدف الارادة الحرة لشعبنا وكرامته وحقوقه ، ورغم اهتزاز ايمان البعض امام المغريات والمصالح الشخصية ، في اجواء طغيان الانا والانانية على ممارساتهم ومواقفهم .
وابشر رفاقي الشهداء بان ابناؤكم واخوتكم الغيارى اليوم يساهمون في حمل الراية على دربكم ويتحملون المسؤولية بتفان وعطاء ، وخلدوا اسماؤكم المباركة واطلقوها للاحفاد الاعزاء يوسف ويوخنا ويوبرت .
ختاما الف تحية واجلال لارواحكم الطاهرة
المجد والخلود لشهداؤنا الابرار

صديقكم ورفيق الدرب الى الابد
يونادم كنا

بغداد 3 شباط 2014